القرآنُ الكريم

الربح من الأنترنت
0

تعريف القرآن

القرآنُ الكريم كلامُ الله المنزَّلُ على نبيِّنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، المنقولُ إلينا نقلًا متواترًا، المكتوب بين دفَّتي المصحف، المحفوظُ بين السطورِ، المتعبَّدُ بتلاوتهِ، المعجزُ في ألفاظهِ و معانيهِ.

والقرآنُ جميعهُ بسورهِ وآياتهِ وكلماتهِ كلامُ الله تعالى حقيقة، وليس كلامَ أحدٍ من الإنس أو الجنّ أو الملائكة، أسْمَعَهُ اللهُ للمَلَكِ جبريلَ عليه السلام، فنزَلَ بهِ مُبَلِّغًا إيَّاه كما سمِعَهُ لرسول الله محمدٍ صلى الله عليه وسلم.

قال تعالى: ” قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) [النحل: 102]، وقال: (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ، عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ” [الشعراء: 192-194].

وقد اختُصَّت الأمَّةُ الإسلاميةُ بحفظهِ في صدورها عن ظهر قلب، وهو أمرٌ لم يتوافر للكتب السابقة عليه.

كما تحدَّى الله الإنس والجنّ أن يأتوا بمثله أو ببعضه فعجزوا عن ذلك، مع توافر دواعي أعدائه على معارضة القرآن، وعلوِّ رتبتهم في الفصاحة والبلاغة.

فالقرآن ليس كشعرِ العربِ ولا نثرهم ولا أفانينهم من الكلام، مع أن حروفَهُ من حروفِ كلامهم، ومفرداتهِ من مفرداتهم، فلم يجدوا له في ألسنتهم مع الفصاحة، ولا في عقولهم من الرَّجَاحةِ ما يُمَكِّنُهُم به أن يأتوا بمثل أقصرِ سورةٍ منه، فقد أبَتْ قوانينُ الشِّعرِ وأساليبُ النثرِ ولوائحُ الأنظمةِ أن يُقَايَسَ بها ويجري عليها؛ ذلك أن القرآن كلامُ الله وصِفةٌ من صفاتهِ، فكما لا مِثْلَ له في ذاتهِ وصفاتهِ كسمعهِ وبصرهِ، كذلك لا مِثْلَ له في كلامهِ.

فضل القرآن العظيم

أنزَلَ اللهُ القرآنَ كِتَابَ هِدَايةٍ ورحمة، ونورًا وضياءً، أخرجَ اللهُ بهِ البشريةِ من جاهليةٍ مستحكمةٍ، وضلالةٍ عمياء، كتابٌ خُتِمَت بهِ الكُتبُ المنزَّلة، فهو ينبوع الحكمةِ، وآية الرسالةِ، ونور الأبصارِ والبصَائرِ، ولا طريقَ إلى الله سواه ولا نجاةَ بغيره

قال تعالى: (أوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [سورة العنكبوت: آية 51].

وقال: "(يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) [سورة يونس: آية 57].

وقال عليه الصلاة والسلام: "(ما من الأنبياءِ نبيٌ إلا أعطيَ من الآياتِ ما مثلُه آمنَ عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيتُه وحيًا أوحاهُ اللهُ إليَّ، فأرجو أن أكونَ أكثرهم تابعًا يوم القيامة).

وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنهُ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "(مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثلِ الأُترُجَّة ريحُهَا طيِّب وطعمُهَا طَيِّب، ومثلُ المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة، لا ريحَ لهَا وطعمُها حُلوٌ، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحُهَا طيِّب وطعمُهَا مُرٌّ، ومثلُ المُنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثلِ الحنظَلَةِ ليسَ لها ريح وطعمها مر).

وقد وردت آياتٌ كثيرةٌ وأحاديثُ عن النبي المعصومِ صلى الله عليه وسلم دالَّةٌ على فضلِ القرآن ِ عامَّةً، وأحاديث في فضلِ بعض سورهِ وآياتهِ، ولسنا هنا في مقامِ إيرادها واستقصائها.

ولو أراد بشرٌ حصرَ فضل القرآنِ الكريم وبيان عمومِ بركتِهِ وخَيْريَّتِهِ، لوقفَ قلمهُ دونَ هذا الأمر، ولما استطاعَ الإحَاطَةَ به. ومما يدل على عظمة القرآن الكريم وعلو منزلته كثرة أسمائه، فكثرة الأسماء تدل عل شرف المسمى، فمن أسمائه:

  • القرآن: وهو اسمهُ المشهور، الدَّالُّ على عظمتهِ ومكَانتهِ، قال تعالى: (إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ)[سورة الواقعة: آية 77].
  • الفرقان: وسميت سورة من سورهِ بهذا الاسم، قال تعالى في مطلعها: (تبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا) [سورة الفرقان: آية 1].
  • الكتاب: قال جلَّ وعلا: (ذلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ) [سورة البقرة: آية 2]
  • لذِّكر: قال سبحانه: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [سورة الحجر: آية 9].
  • التنزيل: قال جلَّ ذكرهُ: ( وإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [سورة الشعراء: آية 192].
  • كلام الله: كما قال تعالى: ( وإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ) [سورة التوبة: آية 6].

نزول القرآن

لم يَدَّعِ رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّ القرآن من تأليفه، ولا نَسَبَهُ لِنفسه، ولكنه أخبر أنه وحيٌ أوحاه الله إليه، نزل به جبريل عليه مفرقًا في ثلاث وعشرين سنة.

وأكد الله تعالى هذه الحقيقة في القرآن الكريم، إذ قال: (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ)" [سورة الأنعام: آية 19]، " كما نفى عنه أية صفة أخرى غير صفة الوحي:  (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) [سورة النجم: آية 4]،(قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ) [سورة الأعراف: آية 203]، وقال: (إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ) [سورة يونس: آية 15].

ولا ريب أن موضوع الوحي أمرٌ غيبيٌ، لا يمكن للبشر أن يدركوا حقيقته بحواسهم، أو أن يكشفوا عن طبيعته بعقولهم المجردة، ولهذا فإن المصدر الوحيد الصحيح لمعرفة حقيقة الوحي هو القرآن المُنَزَّلُ من عند الله، و رسولُ الله الذي نزل عليه الوحي، وقد تحدَّثَ القرآن عن الوحي، وبيَّن أنه ليس من شأن البشر التلقي عن الله تعالى مباشرة، حين قال: (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ، وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ) [سورة الشورى: آية 51- 53].

وتكرر نزولُ جبريلَ عليه السلام بالقرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثٍ وعشرين سنة، وكانت نتيجة ذلك نزول هذا القرآن العظيم، فقد كان رسول الله يحفظه حين ينزل عليه، ثم يأمر بكتابته، ويُعلِّمه أصحابه، فكان منهم من يحفظه كُلَّه، ومنهم من يحفظ بعضه، ثم كتبوه في المصاحف، وجمعوا بين حفظه في الصدور، وتدوينه في السطور.

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)